في كتاب استراتيجية المحيط الأزرق لكل من دبليو. تشان كيم و رينيه موبورنى، كان لهما رأياً مختلفاً في كيفية التفكير في استراتيجية الأعمال ومن أهم مبادئ هذا الكتاب هي " كيفية إنشاء مساحة سوقية لا نزاع عليها وجعل المنافسة عديمة الأهمية." دعنا نعرف كيف نقوم بذلك معاً.
لتخلق مساحة جديدة لك في السوق، وتبرز منتجاتك وخدماتك بصورة واضحة أمام عملائك، توقف عن التفكير في كيفية الدخول في المنافسة وهزيمة منافسيك؛ لأن تفكيرك في هذه الحالة يكون منصب فقط على المنافسين تاركاً ما هو أهم، وهو تلبية حاجة عملائك والوقوف على المشكلات الأساسية التى تؤرقهم ومحاولة حلها، أى تحصر نفسك داخل المحيط الأحمر. وهذا خطأ كبير، فلا يجب أن تكون المنافسة هى محور تفكيرك الاستراتيجي.
بالتأكيد شاهدت من قبل كيف تتنازع أسماك القرش فيما بينها للفوز بالفريسة، مما ينتج عنه محيطاً دامياً، هذا بالفعل ما يحدث في الأعمال التجارية، فالكل يتنازع للحصول على عدد أكبر من العملاء، وبالتالي تجد فرص تحقيق الربح أقل؛ لأن في المحيط الأحمر تكون مساحة السوق وحدود الصناعة وقواعد المنافسة معروفة ومحددة، على عكس المحيط الأزرق الذي لا يوجد به منافسة لأن قواعد اللعبة لم تنشأ بعد.
المحيط الأحمر يجعلك تُنكر القوة التي يمكن الحصول عليها وهى القدرة على إنشاء مساحة سوقية جديدة لا يمكن لأحد منافستك فيها، وحتى إذا تم التفكير فيما تقوم به وظهر لك منافس ستكون حددت قواعد لعبتك وأصبحت قائداً في السوق أى تسبقه بمراحل. لكن ليس معنى أنك اخترعت محيطاً أزرقاً أنك تتوقف عند هذا الحد، وتظن أنك بمعزل عن المنافسة وتظل ثابتاً في مكانك ولا تفكر في تطوير منتجاتك والتفكير فيما هو أبعد مما قمت بطرحه في السوق.
اتخذ التجارة الإلكترونية، الهواتف المحمولة... وغيرها مثالاً لك، كانت في بدايتها تمثل المحيط الأزرق لأنها لم تكن ظهرت وانتشرت من قبل، أما اليوم فقد أصبحت متداولة بشكل طبيعى، لكن يظل الأفضل فيها مْن استمر على الحفاظ على محيطه الأرزق وابتكر المزيد من المميزات التى يرغب بها عملائه وليس ما تُجبره المنافسة عليها؛ لأن حدود الصناعة ليست محددة بل يمكن تشكيلها كما ترغب.
الشكل التالى يوضح لك تأثير إنشاء المحيطات الزرقاء على النمو والأرباح:
ابتكار القيمة هو الأساس عند إنشاء المحيطات الزرقاء ومفتاح نجاحها. فمن خلاله تبتعد عن التركيز عن المنافسين وتركز فقط على إبداع ما يميزك ويحقق قيمة مطلوبة لدى عملائك. أى تنشأ مساحة سوقية جديدة لك..
لأن القيمة من دون ابتكار، لن تجعلك تتميز عن مْن هم بالسوق، بل ستقوم بالتحسين مما تقوم به بما يكفي لثبات حصتك في السوق. أما الابتكار من دون القيمة سيجعلك منقاداً للتكنولوجيا، أى تبتكر منتجات وخدمات ربما لن تكون لها أى فائدة لدى عملائك، وإذا كانت ذات أهمية لهم في الأغلب لن يكون لديهم القدرة على تقبلها أو دفع المال مقابلها.
تنجح الشركات عندما تستطيع التوفيق بين كل من الابتكار والخدمات والسعر والتكلفة. فالقيمة لدى العملاء تتمثل في فائدة العرض مطروح منه السعر، أما بالنسبة للشركات فهو يتمثل في سعر العرض مطروح منه الكلفة.
عليك أن تخلق توازناً بين كل من القيمة والتكلفة؛ لأن الكثير من الشركات ترى أن تحقيق هذا التوازن صعباً بل مستحيلاً..لذا تجد الشركات تسلك اتجاهين هو تحقيق قيمة عالية لكن بسعر مرتفع، أو لتوفير سعر منخفض عليهم خفض القيمة. وفى هذه الحالة تكون الاستراتيجية القائمة هى الاختيار ما بين القيمة أو التكلفة وتحصر نفسها في المحيط الأحمر. أما مْن يسعود إلى المحيط الأزرق فهم يحاولون تحقيق التميز والتكلفة المنخفضة في الوقت ذاته.
سيرك دى سولي أكبر مثال على الاهتمام بكل من الابتكار والقيمة. فتجد أن من أوائل العروض التى أنتجها السيرك كانت تحت عنوان : " إننا نعيد اختراع السيرك".
حقق السيرك نجاحاً مبهراً وحقق إيرادات تفوق الإيرادات التى حققها رواد الصناعة في ذلك الوقت. دخل سيرك دي سولي هذه الصناعة ليس وقت ازدهارها بل وقت اضمحلالها حيث لم يكن هناك أي مؤشر لنموها، حيث كان يفضل الأطفال الحصول على ألعاب الفيديو بدلاً من الذهاب إلى السيرك وبهذا وصلت هذه الصناعة إلى نقطة ضعفها وتراجع في العائدات والأرباح. كما كانت هناك مشكلة كبرى تواجه السيرك وهى المعارضة المتزايدة لاستخدام الحيوانات من قِبل جماعات حقوق الحيوان.
نجح سيرك دي سولى ليس لأنه انتزع العملاء من المنافسين ولكن لأنه أنشأ مساحة سوق جديدة وركز على شريحة جديدة تماماً وهى البالغين الذين كانوا يفضلون الذهاب إلى المسرح، وبهذا أصبح لدي السيرك عملاء مستعدين لدفع المال عدة مرات مقابل التمتع بتجربة فريدة وغير مسبوقة.
جاءت التجربة الفريدة من خلال الاستغناء عن الأفعال السيرك التقليدية مثل اجتذاب الممثلين المشاهير والتى كان يراهم العملاء أنهم أقل كفاءة من ممثلي هوليوود، ومدربين الأسود، حيث كان ذلك من مسببات زيادة تكاليف عروض السيرك دون الحصول على أي تغيير في العروض، وبالتالي انخفاض في معدلات الطلب على السيرك. لكن سعى سيرك دي سولي على تقديم للناس متعة وتشويق بالإضافة إلى الثقافة الفكرية والثراء الفني الذي يقدمه المسرح.
وهنا حقق توازناً بين القيمة والتكلفة، حيث وفر مال عروض الحيوانات وتدريباتهم و مصاريف تنقلهم وعلاجهم، والاستغناء عن عروض المشاهير، وإبعاد الباعة الجائلين من صفوف الجمهور، ومال تأجير المكان العرض والتنقل من مكان لمكان، وفى نفس الوقت قدم القيمة التى ينتظرها الجمهور دون الحاجة إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه لتغطية النفقات لتقديم عرض مميز.
ومن خلال الاستغناء عن كل هذا، منح سيرك دي سولي المشاهدين لكل عرض من عروضه إطار عام وموسيقى متنوعة تحرك الأداء البصري والاضاءة كما انه شمل عروض الأداء التجريدي والروحانى وهو مشتق من المسرح والباليه. وبهذا منح السيرك للناس سبباً للذهاب إليه عدة مرات. وبهذا فهو أعاد اختراع السيرك بالفعل.
لتسير في اتجاه تنفيذ استراتيجية المحيط الأزرق هناك طرق ممنهجة عليك تنفيذها قدر الإمكان؛ لأن بدونها سيكون الابحار في المحيط الأزرق ليس له أى معنى، ووقتها لن يكون لديك بوصلة لترشدك في الاتجاه الصحيح، وهذا ما يجعل الأمر صعباً على الكثير من المديرين التنفيذيين في التخلص من المنافسة والمحيط الأحمر. استراتيجية المحيط الأزرق توضح لك المخاطر التي تواجهها وكيفية التقليل منها وعدم الإقدام عليها.
إطار العمل الذي يساعد على إنشاء إستراتيجية المحيط الأزرق. وهى تساعد في تحديد الحالة الحالية لمساحة السوق ومعرفة المواضع التي يستثمر فيها المنافسون، وكذلك الجوانب التى تتنافس عليها الصناعة، والعروض التنافسية التى يحصل عليها العملاء.
في عروض السيرك ظل التنافس قائماً على:
هذه العوامل كانت العوامل المسيطرة على صناعة السيرك في السوق، لكن ما فكر فيه سيرك دي سولى كان بعيداً عند ذلك؛ لأن كان المحرك الأساسي له هو ابتكار القيمة كما ذكرنا سابقاً. لهذا ركز على الموضوع العام للعرض، الإنتاجات المتعددة، الموسيقى والرقص الفنى، و بيئة المشاهدة المحسنة.
تعتبر منحنيات القيمة هى المكون الرئيسي لشراع الاستراتيجية وهو عبارة عن رسم توضيحي للأداء النسبي للشركة عبر عوامل المنافسة في صناعتها.
ماذا تفعل لتحول شراع استراتيجيتك نحو المحيط الأزرق؟.. كل ما عليك هو التفكير في تغيير دفتك من المنافسين إلى البدائل، ومن عملاء الصناعة إلى اللاعملاء (الذين لم يصبحوا عملاء بعد). ولتقوم بذلك كل المطلوب منك هو إعادة تحديد المشكلة التى يركز عليها الصناعة ومنها تستطيع إيجاد الثغرات التى لم يستغلها أو يفكر فيها أحد، وتبدأ في رسم شراع استراتيجيتك الذي يوجه محيطك الأزرق.
يكسر إطار العمل ذو الفعاليات الأربعة العلاقات المتبادلة بين التمييز والتكلفة المنخفضة. حيث من خلال الأسئلة التى يوفرها لك هذا الإطار تعرف المعايير التى يتم التنافس عليها وعليك الابتعاد عنها وما هى المعايير التى لم يتجه إليها أحد وعليك أن تبدأ في التفكير فيها. وهذه الأسئلة هي:
محا السيرك العديد من العوامل منها المؤدون المشهورون لأن المشاهدين كانوا يجدون أنهم أقل كفاءة من نجوم هوليوود فلماذا يلجأون للسيرك و بإمكانهم مشاهدة السينما، أما بالنسبة لعروض الحيوانات لأنها عالية التكلفة ليس بسبب تربيتها ولكن بسبب نفقات العلاج والتنقل وتدريبها والمشاكل التى كانت تثيرها منظمة الرفق بالحيوان، والباعة الجائلين الذي يثيرون ضيق المشاهدين، حلقات العروض التي كانت تشتت المشاهدين.
لكنه أنشأ موضوعات متعددة لكل عرض، وغير من بيئة المشاهدة، وأصبح هناك عروض الموسيقى والرقص بما يتشابه مع عروض المسرح والباليه.
لتتحرر من فكرة المناسفة وتبتعد عن المحيط الأحمر وتبدأ في السباحة نحو المحيط الأزرق، فكر في إعادة إنشاء حدود السوق. إعادة إنشاء حدود السوق يتناول خطوة مخاطر البحث التى تعانى منها الشركات، أي يبحث في التحدي الذي تقع فيه الشركات للوصول إلي فرص المحيط الأزرق، وهذا التحدى الأكبر الذي تواجهه الشركات؛ لأنه لا يقع تحدت الحدس و العشوائية. ويقوم إعادة إنشاء حدود السوق على عدة مسارات وهى:
إذا كنت تظن أن شركتك تتنافس فقط مع الشركات داخل نطاق مجالك فأنت مخطئ، فالشركات تتنافس أيضا مع الشركات في مجالات آخري التى تقدم منتجات وخدمات بديلة لها. تعتبر المنتجات البديلة أكثر اتساعاً من المنتجات الاحتياطية. فالمنتجات الاحتياطية تكون مختلفة الأشكال ولكنها تؤدي نفس الوظيفة. بينما المنتجات البديلة هى المنتجات والخدمات ذات الوظائف والأهداف لكنها تخدم الهدف ذاته.
على سبيل المثال، دور السينما والمسرح والمطاعم، تختلف في شكلها وتؤدي وظائف متنوعة لكنها تخدم الهدف ذاته وهى " قضاء ليلة ممتعة خارج المنزل."
تأمل حال شركة نت جيتس التي أنشئت محيطاً أزرقاً خاص بها يتعلق بالملكية الجزئية للطائرات النفاثة. ويرجع نجاح الشركة إلى مرونتها، وتقصير زمن رحلاتها، وتجارب السفر الخالية من المشاحنات، وأسعارها الجيدة.
إذا تأملت الرحلات الجوية ستجد أن أغلب المسافرين هم رجال الأعمال، أى يدرون أرباحاً كثيرة على شركات الطيران. وتجد أن أمامهم خياران للسفر أما السفر عبر درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى على متن الرحلات التجارية، والخيار الثاني هو شراء الشركة للطائرة الخاصة لتسهيل السفر عليهم و الخياران كلاهما ذي تكلفة باهظة، لهذا كانت الشركات دائما تبحث عن بديل مناسب للسفر.
ومنا هنا جاءت فكرة نت جيتس في خلق محيط أزرق لها، حيث أنها ساعدت الشركات على امتلاك حصة من الطائرة( بيع أجزاء من الطائرات) ومن هنا هو يتمتع بطائرة خاصة بسعر تذكرة الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال. وعند المقارنة بين رحلات الدرجة الأولى والطائرات الخاصة بالنسبة للتكاليف المباشرة وغير المباشرة مثل الفنادق والوجبات والمصروفات ستجد أن تكاليف الطيران في مقاعد الدرجة الأولى على متن الخطوط الجوية التجارية أكثر تكلفة. لكن في نيت جيتس فهي تتجنب التكاليف الثابتة من خلال استغلال المطارات المحلية الأصغر حجماً وطاقم محدود من الطائرة على خفض التكاليف.
كما أنها ساعدت على توفير الوقت لرجال الأعمال، وتقليل المضايقات التي تحدث في المطارات المزدحمة، وبهذا يصلوا إلى وجهتهم بكامل نشاطهم. وقدمت نت جيتس إمكانية الهبوط في أقرب المطارات لمراكز الأعمال والوجهات الشهيرة. وأكثر ما يثير إعجاب عملاء نيت جيتس هو أن الطائرة ستكون جاهزة بعد 4 ساعات من إخطار الشركة بأنك تحتاج لطائرة وإذا لم يكن لديها واحدة فإنها تستأجر لك واحدة.
تدل على مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال واحد وتسعى لوضع استراتيجية متشابهة. إذا لاحظت معظم المجالات ستجد أن هناك صعوبة في رؤية الاختلافات الاستراتيجية الجوهرية بين الشركات التي تعمل في المجال نفسه، إلا قلة من المجموعات الاستراتيجية.
يتم تصنيف المجموعات الاستراتيجية على أساسين: السعر والأداء. حيث إذا حدث طفرة في نمو الأسعار من المتوقع أن يحدث مقابلها طفرة في الأداء. وفي الغالب لا تنتبه أي من المجموعات الاستراتيجية إلى ما تفعله المجموعة الآخرى؛ لأنه من وجه نظر توزيع المنتجات في السوق، لا توجد أى منافسة بينهما.
سنضرب بشركة كيرفز مثالاً على هذا النوع، وهي شركة صالات الألعاب الرياضية للنساء. قدمت هذه الشركة نوعاً جديداً من الطلب في مجال اللياقة البدنية في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها سبحت في المحيط الأزرق وفتحت سوقاً لم يشغل بال أحد من قبل. استهدفت شركة كيرفز النساء التى تعانى من قدرتها على المحافظة على اللياقة البدنية لجسمها من خلال التمارين الرياضية. وهنا كانت الشركة تقتحم السوق ما بين نوعين من المجموعات الاستراتيجية وهما: الأندية الصحية التقليدية و برامج التمارين الرياضية المنزلية.
في هذا الوقت كان المتعارف عليه هو الأندية الصحية التقليدية التى كانت تعمل مع الرجال والنساء، وكانت تقدم مجموعة كبيرة من التمارين الرياضية، وأجهزة تدريب مميزة، ومكان لتقديم العصائر، و غرف خاصة لتبديل الملابس تتضمن أماكن للاستحمام وساونا؛ كل هذا لأنها تريد منح عملائها تجربة رياضية مجهزة، لكن رسوم هذه الأندية كانت مرتفعة.
في المقابل برامج التدريبات الصحية المنزلية والتى تعتمد على شرائط الفيديو والكتب والمجالات، وهنا لا تحتاج إلى كثير من المال للاشتراك، والقليل من المعدات الرياضية، لكن الارشادات الرياضية تعتبر محدودة للغاية لأنها تقتصر على كلام مدرب الفيديو أو الصور والتمارين المكتوبة في المجلات والكتب.
لكن ما الذي يجعل أي سيدة تقارن ما بين الأندية الصحية وتدريبات الصحية المنزلية؟.. بالتأكيد؛ لأنها لا ترغب في أن يري أحد جسدها الذي يبدو عليه بعض الترهلات أثناء التمارين الرياضية، لهذا فهى لا تعسى أبداً لكسب الأصدقاء في النادي أو حتى الحصول على مدرب جيد أو غيرها من المميزات التى يتمتع بها النادي الصحي، كما أنها تسعى إلى توفير الوقت والمال ومن أجل المزيد من الخصوصية.وإذا كانت هناك مْن تختار الأندية الصحية؛ فلأنها تفشل في الانتظام في التمارين المنزلية، لهذا تفضل أن تمارس مع مجموعة من الأصدقاء في الأندية الصحية من باب التشجيع ليس إلا.
فكرت شركة كيرفز في الاستفادة من المميزات التى يفضلها العملاء في كلا الجانبين، ومحت جميع العوامل التقليدية التى لا يهتم بها أكثر العملاء، مثل الطعام وحمام السباحة وغرف تبديل الملابس التى تم استبدالها بمناطق لتغيير الملابس لكنها مفصولة عن بعضها البعض بواسطة ستائر.
جاء الاختلاف في صالات كيرفز أنها وضعت الأجهزة الرياضية مرصوصة ليس في صف واحد وأمامها التلفاز ولكن في دائرة لتسهيل تبادل الأحاديث بين العضوات، حتى يجعل التجربة أكثر مرحاً. كما أن الشركة قللت من وجود المرايا، ولم يوجد رجال أثناء التمارين. تركيز شركة كيرفز على هذه الخدمات الأساسية جعلتها تخفض السعر مما جعله مناسب للجميع... وتجد شعار الشركة " بسعر كوب من القهوة يومياً، يمكنك أن تحصل على هدية لصحة عبر التدريبات المناسبة."
يجد المتنافسون صعوبة حول الوصول إلى تعريف عام للمشتري المستهدف. لأن ببساطة هناك سلسلة من المشترين الذي يشتركون بصورة مباشرة أو غير مباشرة في قرارات الشراء. فمثلاً، تجد المشترين الذين يدفعون ثمناً للمنتج أو الخدمة يختلفون عن المستخدمين الفعلين، بل أنهم يختلفون تماماً عن المؤثرين المهمين. هذه المجموعات الثلاث تختلف فيما بينها، لكن عندما تتقاطع فأنها تُظهر تعريف جديد للقيمة. مثلاً تركز صناعة الأدوية على الأطباء أى المؤثرين، أما صناعة الملابس فهى تركز على المستخدمين، أما بالنسبة للأدوات المكتبية فهى تركز على المشترين. أى هذا المسار يتنافس على مجموعة مختلفة من العملاء.
سنشرح كيف استغلت شركة نوفو نورديسك هذا الاختلاف. في صناعة الأدوية، تركز الشركات فقط على المؤثرين وهم الأطباء، خاصة عندما يكون هذا الدواء هو الأنسولين الذي يعالج مرضى السكر، ولأهمية الأطباء في تحديد جرعة الأنسولين وغيرها من القرارات المتعلقة بهذا الدواء، كانت تركز الشركات فقط على الأطباء... وفي خضم ذلك تناست الفئة الأهم وهم المرضي.
ومن هنا ركزت شركة نوفو نورديسك على المرضى - أى المستخدمين بدلاً من التركيز على الأطباء- والمشكلات التى تواجههم أثناء تناول جرعة الأنسولين، حيث شكلت الزجاجة التى يباع فيها الدواء مشكلة أثناء تجهيز الجرعة، و فكرة امساك الزجاجة والإبر وتحديد الجرعة مأساة كبيرة لدي المرضي... كما أن شكل الإبر كان يسبب لهم حساسية كبيرة، لهذا تجد أغلبهم لم يكن يفضل أن يظهر الإبر أمام الناس، وهو كان أمر لابد منه لأن الكثير من المرضى يحتاجون إلى حقن أنفسهم بالأنسولين العديد من المرات في اليوم الواحد.
لكن نوفو نورديسك ركزت على هذه المشكلة وخلقت لنفسها محيطاً أزرق، و صممت جهاز نوفو بين. وهو حل سهل وبسيط الاستخدام لحقن الأنسولين، حيث كان عبارة عن قلم حبر يحتوي على حاوية بها الأنسولين يكفى لأسبوع كامل ويمكن للمريض حملها في يد واحدة بسهولة. كما يحتوى القلم على تقنية ضغط مدمجة، أى يساعد المكفوفين على التحكم في جرعات الأنسولين التى يحقنون أنفسهم بها. وبهذا أعفت نوفو نورديسك المرضي من الإحراج الذين يشعرون به عند إخراج الإبر.
وبهذا تحولت نوفو نورديسك من شركة كل اهتمامها ينصب على الدواء والأطباء إلى التركيز على ما هو أهم وهم المرضى.
هنا لتخلق محيطاً أزرقاً كل ما عليك هو التفكير فيما يحدث قبل وفي أثناء وبعد استخدام المنتج. علي سبيل المثال، إذا أردت الخروج أنت وزوجتك إلى الأوبرا وقضاء أمسية معها ستفكر أين ستترك أطفالك؟ وحينها سنضطر إلى طلب جليسة أطفال، وإذا تم حل هذه المشكلة ستظهر لك مشكلة أخرى وهى أين يمكن أن تصطف سياراتك أمام الأوبرا في وسط هذا الزحام خاصة أنه يوم عطلة.. ربما إذا فكرت جدياً في هذه المشكلة يمكن أن تلغى هذه الأمسية وتقرر أن تستبدل الأوبرا بفيلم في المنزل، وهنا تخسر الأوبرا العديد من عملائها بسبب كماليات لخدمتها..
تعتبر هيئات النقل العام العميل الرئيسي في مجال النقل في أمريكا، ووفقاً لقواعد المنافسة المحددة في هذا المجال، كانت الشركات تتنافس فقط على عرض سعر أقل للشراء، لكن ما كان يحدث هو تصميمات قديمة، وتأخر مواعيد التسليم وضعف الجودة وبهذا أصبحت الصناعة كلها متأخرة... فكرت شركة نابى و لم تستسلم لهذا الأمر.
عندما بحث شركة نابى في الأمر وجدت أن الأمر الذي يعد أكثر تكلفة للبلدية ليس سعر الحافلة بحد ذاته ولكنها التكاليف اللاحقة لشراء الحافلات، ومنها تكاليف تشغيل الحافلة للعديد من الأعوام، وتصليحات حوادث الطرق، واستهلاك الوقود، وتآكل قطع غيار التي تحتاج إلى عملية استبدال كامل... وغيرها من الأمور التى كانت تكلف البلدية الكثير من الأموال. ومن هنا جاءت شركة نابى بفكرة محيطها الأزرق وهى استخدام الزجاج المعزول في صناعة الحافلات، حيث ساعد هذا الزجاج على محو تكاليف الصيانة الوقائية لأنه لا يتعرض للتأكل، كما جعل هذا الزجاج هيكل الحافلة أسرع وأسهل وأرخص في الإصلاح؛ لأنه يحتاج فقط إلى قطع الأجزاء المتضررة من الحافة ووضع الأجزاء الجديدة.
كما أنها وفرت تصميمات عصرية، وأصبحت الحافلة أفضل وأسهل في الاستخدام، كما أنها خفضت ارتفاع الأرضيات لتسهل ركوب الحافلات وقدمت زيادة في عدد المقاعد لتقليل عدد الركاب الواقفين. وعادت حافلات نابى على البلدية بعائدات أعلى، ومن هنا غيرت شركة نابى من نظرة البلدية في تصنيع الحافلات.
تعتمد الصناعات في تنافسها على حسابات المنفعة أكثر من الاهتمام بجاذبية المنتجات والخدمات نفسها. لهذا تجد آراء العملاء تنحصر في التالي: نفس المنتج ولكن بأسعار أقل.. لأن الشركات التى تركز على الجوانب الوظيفية أصبحت تركز أكثر على الجوانب الوظيفية، وما تهتم بالجوانب العاطفية مازالت تركز على الجوانب العاطفية وهذا ما جعل من النادر الحصول على أفكار جديدة للسلع والمنتجات بما يتناسب مع العملاء.
ولكن هذا يسبب مشكلة لأن الشركات التى تركز على الجوانب العاطفية فقط، تمد السوق بالكثير من الإضافات مما يرفع سعرها دون أن يحسن من وظائفها، لكن إذا فكرت هذه الشركات في إزالة هذه الوظائف التي لا فائدة منها سوف ينتج سهولة في الاستخدام وفي نفس الوقت سعر أقل أي منتج يرحب به العملاء. أما بالنسبة للشركات التى توفر العوامل الوظيفية بإمكانها أن تضيف الروح للمنتجات من خلال التفكير في الجانب العاطفي.
إذا نظرت إلى كيو بي ( كويك بيوتى) لأدوات التجميل حيث أنها أنشأت محيطاً أزرق من خلال فكرتها عن تصفيف الشعر في اليابان.. حيث غيرت من المفهوم التقليدي لتصفيف الشعر من صناعة تركز على الجوانب العاطفية إلى صناعة تركز على الجوانب الوظيفية.
سألت الشركة نفسها لماذا يستغرق الشخص ساعة في تصفيف شعره؟ كان الأمر أشبه بالطقوس والمراحل المتعددة التى يمر بها العميل حتى ينتهي. حيث كانت هناك العديد من المناشف التى توضع على الشخص وبعدها يتم تدليك الكتفين ويقدم الشاي والقهوة وعناية بالبشرة وتجفيف الشعر بالمجفف بينما الجزء الخاص بقص الشعر لا يستغرق أكثر من عدة دقائق.. كل هذه الطقوس أدت إلى زيادة أعداد العملاء المنتظرين لدورهم مما يزيد من الزحام في المكان وتأخير الكثير من العملاء عن أعمالهم.
أما شركة كيو بي فكرت في العملاء الذين لا يستطيعون قضاء كل هذا الوقت وترك أعمالهم، لهذا استغنت عن كل الأمور العاطفية وركزت على الأمور الهامة فقط كمعالجة البشرة والشعر لكن كان هدفها الأساسي هو قص الشعر، حيث استغلت فكرة غسل الشعر بالهواء لتقليل وقت غسله وتجفيفه..
كل هذه العوامل قللت من الوقت الذي يقضيه العملاء في صالون تصفيف الشعر. ليس هذا فقط لكن اهتمت أيضاً بقواعد الصحة حيث لم تقدم فكرة التعقيم لكل مقعد فقط ولكن كانت سياستهم هو استخدام الأدوات لمرة واحدة فقط، حيث يحصل كل عميل على منشفته وأمشاطه أى جلسة تصفيف الشعر بدون أمراض أو إهدار للوقت.
بمرور الوقت، يظهر تطورات ونزعات مختلفة مما يجعل بعض المنتجات والخدمات تطفو على السطح وبعضها يغرق في القاع إلى الأبد. وحتى لا يحدث هذا، على جميع الشركات أن تنظر لما تقدمه في الوقت الحالى وما هى قادرة على تقديمه في المستقبل. ومن الخطأ أن تسير خلف كل تطور يحدث فى مجالك ولا تعرف ما هى أبعاده عليك في المستقبل حتى لا تكون مجرد اتجاه جاء واختفى.
على سبيل المثال، لاحظت شركة أبل تسريب ملفات الموسيقى بصورة غير قانونية، حيث كان يتم تداول أكثر من مليارين من ملفات الموسيقي شهرياً. على الرغم من محاولة صناعة الموسيقى السيطرة على هذا الموضوع ومنعه إلا أنها فشلت.
مع توفر التقنية التي تمكن المستخدمين من تحميل الأغاني المجانيةبدلاً من دفع 199$ وقته - سعر الاسطوانة – مما أكد على أهمية استخدام الموسيقى الرقمية. وهذا بالفعل ما اهتمت به أبل حيث عرفت أن العالم أصبح في حاجة إلى المزيد من أجهزة تشغيل الملفات MP3 مثل جهاز آي بود التى أنتجته شركة أبل، واستغلت أبل هذه النزعة في إطلاق متجر آي تونز عبر شبكة الانترنت عام 2003.
كما أنها عقدت اتفاقاً مع كبري شركات الموسيقي، لتقدم ملفات موسيقي قانونية وسهلة الاستخدام وجاهزة للتحميل في أى وقت.. عندما ظهر للمرة الأولى سمح للمستخدمين للبحث بحرية في 200 ألف أغنية، كما مكنتهم من الاستماع إلى عينات من الاغانى لمدة 30 ثانية أو يحملوا الأغنية المفضلة لهم من الألبوم مقابل 99 سنتاً، أو تحميل الألبوم كاملاً مقابل 9.99 $... وهنا كسرت أبل المشكلة التى كان يعانى منها المستخدمين وهى شراء أسطوانة كاملة من أجل أغنية أعجبتهم. وتميز آي تونز بنقاء الصوت على عكس الطريقة الأخرى لتحميل الأغانى حيث كانت جودة الصوت سيئة.وبهذا استغلت أبل ما كان يحدث وخلقت لها محيطاً أزرق استمر إلى الآن.