This website requires JavaScript to deliver the best possible experience.
الشكل والإعجام

الشكل والإعجام

اشتهر العرب بالفصاحة والبلاغة، ولم يكن هذا نتيجة التعليم الذي تلقوه؛ إنما كان هذا هدية حباهم الله بها، فهي موهبة إلهية فطرية. لهذا كانوا يكتبون ويقرؤون بطريقة صحيحة وفصيحة. وكانت لهم قدرة كبيرة على فهم النصوص دون الحاجة إلى وضع علامات لتمييز الحروف المتشابهة مثل الجيم والحاء والخاء، حيث كانوا يدركون المعنى من سياق المقام وقرائن الأحوال.

لهذا تجد أن الشكل والإعجام لم يكن معروفًا عندهم، وفي بداية ظهور كل منهما كان العرب يكرهونها؛ لأنهم وجدوا أن الشكل والإعجام ما هو إلا تشويه للمكتوب ولا فائدة من وجودهما.

وعندما ظهر الاسلام واختلط العرب بالأعاجم نتيجة فتح بلادهم وزواجهم من أهلها. وبدأ يكون هناك اختلاط بين اللغات واختلاف في لحن الكلمات، هنا خاف العرب على لغتهم أن يتم تحريفها مما ينعكس على القرآن. الأسباب السابقة شجعت العرب على وضع طريقة للكتابة من أجل إصلاح ألسنة الأعاجم عند القراءة، والطريقة التي لجأوا إليها لاصلاح اللحن هي شكل الحروف. والمقصود بالشكل هو ضبط الكلمات بالحركات (علامات الإعراب)؛ لتمنحنا المعنى المقصود منها تبعًا للغة العرب الصحيحة.

الشكل

المقصود بالشكل هو إزالة الإشكال، أي عدم الوقوع في اللحن أثناء القراءة . والشكل هو تقييد الحروف بالحركات ( العلامات الإعرابية). تم أخذ لفظ الشكل من شِكل الدابة أي شد قوائمها بالشكال - الحبل أو العقال- ويفضل ضبط الحروف بالشكل كي لا يخطأ في إعرابها. كما تضبط بالشِكال فيمنعها من الهروب.

الشكل لم يكن أول ما دخل على الحروف العربية، حيث ظهر في لغات أخرى في وقت سابق. إذا تأملت كل من السريانية، والعبرية.

بعدما دخل السريان النصرانية استعملوا الشكل في لغتهم، وقاموا بعدها بنقل الكتب الدينية إلى لغتهم، لكْنهم خشوا اللحن في قرائتها؛ لهذا وضعوا الشكل للحروف. وقد انتشر استخدام الشكل في اللغة السريانية في القرن الرابع الميلادي وهناك من أن يرجح أنه كان في القرن السادس الميلادي.. إذا سمعت عن يوسف الأهوازي بالتأكيد تعرف أنه أول من وضع النحو السرياني، وكان الأهوازي أستاذًا في مدرسة نصيبين (المتوفي سنة 580م).

أما في عام 705 ميلاديًا أعاد يعقوب الرهاوى النظر مرة أخرى في ضبط متون التوراة، وبعد إتمامه لهذه الطريقة نقلها عنه ابن العبرى فى نحوه، فكان عندهم نقط كبيرة توضع فوق الحرف او تحته .

والتفكير في وضع النقط للإعراب قادهم نحو وضع أصول النحو. وكان أول من فكر في ذلك أبو الأسود الدؤلي. ويقال أن زياد بن أبيه والي العراقين طلب من أبي الأسود أن يضع طريقة من أجل إصلاح الألسنة عند القراءة، فتردد أبو الأسود ولم يجبه عن ذلك. ثم سمع أبو الأسود مْن يقرأ القرآن ويلحن في قوله تعالى: (إن الله برئ من المشركين ورسوله) بكسر اللام، وهنا قال أبي الأسود: لا يمكن أن يبرأ عز وجه الله تعالى من رسوله. بعدها عاد أبو الأسود إلى زياد على الفور وقال له: قد أجبتك الى ما سألت، وأرى أن أبدأ بإعراب القرآن، وعليك بإحضار كاتبًا لي، فمنحه ثلاثين كاتبًا. وقع اختياره على واحدا منهم رجلا من عبد القيس، وأخذ مصحفا ومداد مخالفًا لمداد المصحف وقال للكاتب: إذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه، وإذا كسرتها فانقط واحدة أسفله، وإذا ضممتها فاجعل النقطة بين يدى الحرف (أي في وسطه)،فإن تبعت شيئا من هذه الحركات غُنّة فنقط نقطتين، وهكذا صار أبو الأسود يقرأ متأنيًا والكاتب يضع النقاط، وكلما أتم الكاتب صحيفة نظر فيها أبو الأسود، واستمر على ذلك حتى أتم نقط المصحف، وترك السكون بلا علامة ، وأخذ الناس هذه الطريقة عن أبى الأسود، وكانوا يسمون هذه النقط شكلا ، لأنه يدل على شكل الحروف وصورتها .

الشكل في الخط العربي

تعتبر الرواية السابقة هى الرواية الراجحة فى كيفية نقط المصحف ووضع الشكل الذي أُخذ عن أبي الأسود.

وفي بعض الروايات ينسب نقط المصاحف الى نصر بن عاصم الليثي (المتوفى سنة 89 هـ ) ويزعمون أنه أول من نقط المصاحف، وأطلق عليه اسم (نصر الحروف)، ونصر هو تلميذ ابى الاسود .

وفي رواية آخرى انتشر أن أول من نقط المصاحف هو يحيى بن يعمر العدواني (المتوفى سنة 129 هـ)، ويحيى بن يعمر من تلاميذ أبي الأسود أيضًا، ولعل من ذهب وراء هذا المذهب كان يرى أن نصرا ويحيى كانا أول من نقط المصاحف في البصرة، وأخذوا ذلك عن أبى الاسود فهما من تلاميذه، وأن أبا الأسود هو الذى بدء بذلك ، وقيل إنه : " جعل الحركات والتنوين لا غير

الإعجام

معني الإعجام لغويًا: إزالة استعجام الكتاب بالنقط، والإعجام فى الخط: هو التنقيط. والعجم: النقط بالسواد مثل التاء عليها نقطتان، أى نقط الحروف المتشابهة في الرسم؛ لعدم وقوع اللبس فى قراءتها، خوفا لما يطرأ عليها من تصحيف.

 قال ابن جنى : " أعجمت الكتاب أزلت استعجامه، و كتاب معجم اذا اعجمته بالنقط ، وسمى معجمًا لأن شكول النقط بها عجمة لا بيان لها، كالحروف المعجمة لا بيان لها، وإن كانت أصولا للكلام كله "

تم الاهتمام بالاعجام نتيجة شيوع التصحيف (الخطأ في القراءة)، حيث كانت المصاحف مجردة من الاعجام.وظل الناس يقرأون فى مصحف عثمان ما يزيد عن أربعين سنة إلا أيام عبد الملك بن مروان. وكثر التصحيف خاصة في العراق، مما افزع الحجاج بن يوسف والي العراق، فطلب من كتابه وضع العلامات على الحروف المشتبهة ، وقيل أن أول من نقط المصاحف هو يحيى بن يعمر ، وقيل : بل هو نصر بن عاصم .

الإعجام في الخط العربي

وضع علامات الإعراب التي قام بإدخالها أبو الأسود، ونقط الإعجام التي أدخلها يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم ، هذان الأمران الشكل والإعجام لم يكونا اصلاحا للخط كما ذهب الى هذه التسمية بعض من كتب الخط؛ لأنهما لم يستبدلوا الصورة الأساسية للحروف، وإنما عملوا على ضبط النطق وضبط الإعراب وتحسن لفظ القارئ ومن اللحن والتصحيف، والتصحيف هو القراءة الخطأ.

خط المحقق